Tuesday, May 20, 2008
انتخابات 2005 وبناء الجمهورية الثانية
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A2031BD7-6309-43FB-A6C2-AEA4F9A192CF.htm
عاطف السعداوي الانتخابات ودلالات التحول الديمقراطي تعتبر الانتخابات من أهم المؤشرات الدالة على عمليات التحول إلى الديمقراطية, بل هي التعبير الرمزي الأهم عن ديمقراطية مجتمع ما وعن مدى نضج ثقافته السياسية, و بقدر نزاهة وتنافسية الانتخابات العامة بقدر ما تكون مصداقية عملية التحول إلى الديمقراطية, على اعتبار أن الانتخابات الحرة المباشرة التنافسية والنزيهة هي الوسيلة الأمثل لإعطاء رجل الشارع العادي حقه الأصيل في تحريك القرار السياسي وبالتالي إعطاءه دورا في صناعة تاريخه. وهذه الفكرة أو القناعة هي التي جعلت معظم المقولات التاريخية الخالدة التي نادت بالديمقراطية تختزلها في البعد الانتخابي, كمقولة "صوت واحد للشخص الواحد " أو مقولة "لا تمثيل بدون ضرائب" وهذه المقولات وغيرها تعتبر هي الخلاصات المجردة التي تعبر عن هذه القناعة. ولعل المراقب للمشهد السياسي المصري في الآونة الأخيرة يلمس مدى مصداقية هذه الفكرة واحتلالها لحيز واسع من فضاء الجدل السياسي في مصر، منذ القرار المفاجئ للرئيس مبارك في السادس والعشرين من فبراير/شباط الماضي، بطلب تعديل المادة 76 من الدستور والخاصة بطريقة اختيار رئيس الجمهورية، ليكون بالانتخاب العام المباشر بين أكثر من مرشح بدلا من طريقة الاستفتاء على شخص مرشح واحد, حيث أطلق هذا القرار قوى المجتمع المدني وحركات الرفض الاجتماعي من عقالها وحررها –ولو جزئيا –من جمودها الذي ظلت أسيرة له لفترة طويلة لافتقادها أي أمل بالإصلاح في ظل وجود نخبة الحكم الراهنة. ولكن ما إن بدا أن هناك ضوءا خافتا في نهاية النفق المعتم حتى تحركت التفاعلات السياسية والحزبية خالقة معها مناخا سياسيا جديدا يمتاز بعمليات كثيرة للتفاوض والمساومة والجدل السياسي بين فريقين أولهما يري أن هذه الخطوة هي نهاية الطريق وأنها "منتهى المراد من رب العباد" وأنها منحة من الحاكم تفضل بها على شعبه ولا يجوز معها سوى تقديم فروض الشكر والعرفان, بل حاول هذا الفريق تفريغ هذه الخطوة من مضمونها التنافسي والتعددي عبر المغالاة في اقتراح ضوابط معينة للترشيح لهذا المنصب, أو عبر اقتراح لجنة عليا شبه حكومية للإشراف على الانتخابات، وينحدر معظم هذا الفريق من الدوائر السياسية والفكرية المرتبطة بنخبة الحكم والحزب الوطني. وفريق ثان تمثله قوى وأحزاب المعارضة وحركات الرفض الاجتماعي والسياسي مدعوما بتأييد قطاعات جماهيرية واسعة، ويرى أن التحرك نحو تغيير طريقة اختيار رئيس الجمهورية وإن كان مطلوبا إلا أنه لا يزال تحركا محدودا وجزئيا, كما لم تخف على هذا الفريق الدوافع الكامنة وراء هذا التحرك وعلي رأسها الضغوط الخارجية القوية التي تعرض لها النظام, بما كشف في النهاية عن لحظة ضعف يمر بها النظام وكان لا بد من استغلالها, ومن هنا وجد هذا الفريق الفرصة سانحة لممارسة مزيد من الضغوط للحصول على مزيد من التنازلات في "الشأن الإصلاحي". وأيا كان الفريق المنتصر في النهاية فإن الحقيقة الوحيدة المؤكدة حتى الآن هي أن عجلة التغيير قد تحركت -وإن ببطء- ولن يستطيع أحد أن يوقفها, حتى لو ظلت بيروقراطية الدولة الأمنية وأدواتها القمعية هي المتحكمة في وتيرة التفاعل السياسي وفي معدل دوران عجلة التغيير, ففي لحظة معينة وعندما تكون الرغبة الشعبية في التغيير حقيقية وصادقة فلن تفلح الوسائل الأمنية في منعه, مهما أفرطت في استخدام القوة, لأن التغيير في هذه الحالة سيكون نابعا من إرادة الشعب وستكون الرغبة في الفعل المؤدي للتغير أقوي بكثير من القابلية للخوف أو إيثار السلامة, ولعل ما حدث في دول مثل قرقيزيا وإكوادور ومن قبلهما أوكرانيا وجورجيا خير دليل على ذلك. "المأمول من انتخابات 2005 أن تمثل نقطة بداية مثالية لعهد مصري جديد, أو ربما "جمهورية جديدة" قائمة على شرعية الديمقراطية بعد أن تم الانقلاب على شرعية المشروع القومي وانقضاء عهد شرعية الحرب وعدم إثبات شرعية الإنجاز قدرتها على تعبئة الجماهير "ومن هنا تكتسب الانتخابات المقبلة سواء الرئاسية أو التشريعية أهمية غير مسبوقة في تاريخ الحياة السياسية المعاصرة باعتبارها الأولى في هذا المناخ السياسي الجديد, كما أنها ستمثل أول اختبار جدي لمدي صدقية هذا المناخ أو زيفه, فالكل في انتظار ما سيسفر عنه هذا "المخاض الديمقراطي", هل سيسفر عن فأر صغير كما تعودنا, أم سيتمخض عن "صيد ثمين" كما نأمل؟ ولكن في كل الأحوال ستشهد الانتخابات القادمة ظاهرة جديدة وصحية، ألا وهي عودة السياسة إلى الحياة المصرية وفي القلب منها العملية الانتخابية, بعد عقود طويلة من نزع السياسة عن كافة التفاعلات المرتبطة بالعملية السياسية, بما جعل استبعاد الشارع السياسي حقيقة واقعة من حقائق السياسة المصرية المعاصرة. ففي كل الانتخابات السابقة كانت جميع الظواهر موجودة إلا السياسية: ظاهرة العنف والبلطجة التي راح ضحيتها العشرات, ظاهرة الرشاوى الانتخابية وشراء الأصوات, ظاهرة الانتماءات الأسرية والعشائرية المقيتة, ظاهرة غياب الأحزاب, ظاهرة ضعف المشاركة السياسية التى لم تتجاوز في أي من الانتخابات التي عرفتها مصر منذ التعددية نسبة الـ 50% (كانت في الانتخابات الأخيرة 25.2%) وتوج كل هذا بظاهرة التزوير واسع النطاق لإرادة الناخبين على الرغم من الإشراف القضائي المزعوم. وحدها ظلت السياسة بعيدة عن تلك الأجواء, بما جعل الانتخابات في نظر الكثيرين مجرد لعبة مفضوحة لا طائل من ورائها, وأشبه بالموالد الشعبية من حيث أن لها طابع الموسمية والظرفية دون أن تكون تقليدا سياسيا واعيا له تداعياته علي المسار التاريخي للأمة المصرية, أما الآن فيبدو أن السياسة مرشحة لكي تعود بقوة مع الانتخابات القادمة. والواقع أن المأمول من تلك الانتخابات يمكن أن يتجاوز ظاهرة عودة السياسة للعملية الانتخابية, حيث يمكن أن تمثل تلك الانتخابات نقطة بداية مثالية لعهد مصري جديد, أو ربما "جمهورية جديدة" قائمة على شرعية الديمقراطية بعد أن تم الانقلاب على شرعية المشروع القومي وانقضاء عهد شرعية الحرب وعدم إثبات شرعية الإنجاز قدرتها على تعبئة الجماهير, إذن ... تبقي فقط شرعية الديمقراطية التي يمكن أن تمثل الانتخابات المقبلة مدخلا لها لو أخذت فقط بأسباب النجاح، وهي أسباب لا أراها مستحيلة، بل لا تكاد تكون صعبة، كل ما في الأمر أنها أسباب تحتاج لتوفيرها إرادة ونية خالصة من جانب نخبة الحكم، يقابلها رغبة حقيقة وصادقة للتغيير من جانب الجماهير والقوى المعبرة عنها. وهذه الرغبة الصادقة وتلك النية الخالصة للتغيير يجب أن تترجم إلى مجموعة من الإجراءات والآليات التي يجب على نخبة الحكم اتخاذها، كما يجب على منظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة وقوى الرفض السياسي والاجتماعي التحالف و"الجهاد" للضغط في اتجاه تحقيقها باعتبارها الأسباب التي لاغني عنها, ليس فقط لنجاح الانتخابات المقبلة ولكن لدخول عصر الديمقراطية ومن أهمها: إعادة التوازن المفقود بين السلطات الثلاثفبدون اتخاذ خطوات جادة نحو إعادة التوازن بين السلطات الثلاث في مصر ستفتقد أي خطوات إصلاحية قيمتها, بل ربما تفقد العملية الانتخابية برمتها قيمتها, فخطوة تغيير طريقة اختيار رئيس الجمهورية رغم أهميتها فإنها تبدو قاصرة وعاجزة عن إحداث تغيير جذري في هيكل النظام الدستوري المصمم أساسا ليجعل رئيس الجمهورية محور النظام السياسي, وبالتالي فإن المشكلة تكمن أساسا في كمية وطبيعة الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية. "لابد من إعادة النظر في المواد المتعلقة بسلطات رئيس الجمهورية بما يضمن إعادة هيكلة السلطة في مصر لتقليص سلطات الرئيس وتحقيق مبدأ التوازن بين السلطات الثلاث "فمن بين 55 مادة في الدستور المصري تتضمن صلاحيات أو سلطات اختص رئيس الجمهورية بحوالي 35 صلاحية بما نسبته 63% من إجمالي السلطات والصلاحيات, بينما ترك للسلطة التشريعية بمجلسيها 14 صلاحية فقط بنسبة 25%, دون إغفال سيطرة رئيس الجمهورية واقعيا من خلال موقعيه الرئاسي والحزبي على السلطة التشريعية, وهو ما يعني سيطرة رئيس الجمهورية عمليا على 88% من إجمالي السلطات التي ينظمها الدستور. وبالتالي لابد من إعادة النظر في المواد المتعلقة بسلطات رئيس الجمهورية بما يضمن إعادة هيكلة السلطة في مصر لتقليص سلطات رئيس الجمهورية وتحقيق مبدأ التوازن بين السلطات الثلاث, مع هيمنة نسبية للسلطة التشريعية علي السلطة التنفيذية لتراقب أداءها وتحاسبها, مع صياغة قانون جديد للسلطة القضائية يضمن الاستقلال التام لها ماليا وإداريا, بعيدا عن التدخل المباشر في شؤونها من قبل السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية ووزير العدل. كما أنه يجب إعادة النظر في طريقة توزيع صلاحيات السلطة التنفيذية بحيث توزع بأوزان نسبية بين رئيس الجمهورية ونائبه المنتخب ومجلس الوزراء، علي أن تضمن في الدستور صلاحيات كل منهم بشكل واضح لا يسمح بتعدي أي منهم على اختصاصات الآخر. أخيرا يجب تعديل المادة 77 من الدستور بحيث تنص على ألا تزيد ولاية رئيس الجمهورية عن مدتين فقط, لأنه لا فائدة مرجوة من رئيس منتخب ولكنه مطلق الصلاحيات وباق بحكم الأمر الواقع إلي أن يشاء الله. صياغة ميثاق شرف بين الأحزاب السياسية"كما سخر التلفزيون ساعات طويلة وأفردت كل الصحف القومية صفحاتها لأحد المرشحين لانتخابات الرئاسة ليقول "كلمته للتاريخ" يجب أن تتاح نفس الفرصة لبقية المرشحين سواء أراد أحدهم أن يقول كلمته "للتاريخ" أو يقولها "للمستقبل""بحيث يتضمن مجموعة من المعايير والضوابط التي يجب الالتزام بها أثناء سير الانتخابات سواء الرئاسية أو التشريعية أو المحلية, ويجب أن يكون هذا الميثاق ملزما لجميع الأحزاب وليس مجرد وسيلة خداع جديدة يتبعها الحزب الوطني لإحكام سيطرته على مدخلات ومخرجات العملية الانتخابية, ومن هنا فإن أول ما يجب أن ينص عليه هذا الميثاق ضرورة الحياد الكامل لكافة أجهزة الدولة الإدارية والتنفيذية وموظفيها، وعدم تسخيرهم لخدمة لمرشحي الحزب الوطني وحده كما اعتيد في الانتخابات السابقة, أيضا يجب أن تكون وسائل الإعلام المملوكة للدولة متاحة أمام مرشحي كل القوى السياسية بشكل متساو وليست مجرد بوق للدعاية للحزب الوطني وحده. فمثلا كما سخر التلفزيون ساعات طويلة وأفردت كل الصحف القومية صفحاتها لأحد المرشحين لانتخابات الرئاسة ليقول "كلمته للتاريخ" يجب أن تتاح نفس الفرصة لبقية المرشحين سواء أراد أحدهم أن يقول كلمته "للتاريخ" أو يقولها " للمستقبل"!. ومن أهم ما يجب أن ينص عليه هذا الميثاق أيضا ضرورة احترام الأحزاب –والحزب الوطني بالتحديد- لرغبات الناخبين حتى النهاية, بما يعني ضرورة احتفاظ المرشح بصفته السياسية التي دخل بها الانتخابات حتى نهاية الفصل التشريعي, بحيث لا تكرر مأساة انتخابات مجلس الشعب عام 2000 عندما لجأ الحزب الوطني إلي ضم معظم المستقلين إليه تحت سلاح الترهيب والترغيب بعد أن حصل مرشحوه علي 174 مقعدا بنسبة 39% فقط من عدد مقاعد المجلس وهي نسبة لا توفر له أغلبية ولو بسيطة, فكان أن ارتفع عدد أعضائه بقدرة قادر إلي 385 عضوا بنسبة 85% ضمن بها السيطرة الكاملة والمعتادة على مجلس الشعب في استهتار واضح بإرادة الناخبين. كما يجب على كل حزب أن يستبق الانتخابات القادمة ويعقد مؤتمره العام لمراجعة لوائحه الداخلية لتغيير طريقة اختيار كافة مستوياته القيادية، لتكون بالانتخاب ولفترة محددة باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لخلق قيادات حزبية قادرة على الوصول إلي الجماهير، سواء في انتخابات تشريعية أو رئاسية أو محلية أو نقابية أو غيرها. وأخيرا يجب أن يتضمن هذا الميثاق أمورا إجرائية من قبيل رفض التمويل الخارجي، ووضع سقف مالي معين للدعاية الانتخابية، وضرورة عدم استغلال المرشح لموقعه السياسي أو التنفيذي أثناء الانتخابات...إلخ. الإشراف القضائي الكامل على كافة الانتخابات وهنا يجب ألا يكون القضاء مجرد غطاء لتزوير الانتخابات وأداة لإضفاء شرعية وهمية عليها كما جري سابقا, وباعتراف القضاة أنفسهم أمام جمعيتهم العمومية بالإسكندرية مطلع أبريل/نيسان الماضي, وهذا ما يفترض أن يصر القضاة على موقفهم التاريخي والمشرف الرافض لتدخل السلطة التنفيذية في شؤونهم، والمطالب باستقلال تام عبر قانون جديد أعده القضاة أنفسهم. على أن يجري بعد ذلك تشكيل هيئة دائمة للانتخابات ذات مقر مستقل وميزانية سنوية مستقلة ومقومات مادية كاملة, ويمكن أن تشكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا وعضوية رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الدولة ورئيس نادي القضاة وعدد معين من رؤساء محاكم الاستئناف تختارهم الجمعية العمومية لنادي القضاة, علي أن تنقل تبعية الإدارة العامة للانتخابات من وزارة الداخلية إلي تلك الهيئة وتؤول إليها كل اختصاصات وزير الداخلية المنصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانوني مجلسي الشعب والشورى، بحيث تكون في النهاية مسؤولة بشكل كامل عن كافة المهام المتعلقة بأي انتخابات عامة تجري في مصر, بدءا من الإعلان عن موعدها وإعداد جداول الناخبين وتلقي طلبات الترشيح وإعلان كشوف المرشحين وإصدار قرارات تشكيل اللجان الانتخابية ومقارها ورؤسائها وأمنائها وقوة الحراسة لكل منها مرورا بتنظيم عملية التصويت وانتهاء بفرز الأصوات وإعلان النتائج. ويجب ألا تقتصر ولاية هيئة الانتخابات على صندوق الاقتراع فقط بل يجب أن تتعداها إلى محيط اللجنة الانتخابية بأكمله بما يؤمن وصول كافة الناخبين إلى مقر صندوق الانتخابات دون منع لمؤيدي مرشح معين من قبل قوات الأمن كما يحدث دائما, وهذا ما يقتضي وجود شرطة قضائية تابعة لهيئة الانتخابات لضمان تنفيذ ذلك. في هذه الحالة لن يكون هناك أي تخوف من إشراف دولي على الانتخابات, بل على العكس يمكن أن يكون الإشراف الدولي شهادة إضافية على نزاهة العملية الانتخابية, ولا يمكن هنا التعلل بمبدأ السيادة الوطنية لأن وجود مراقبين دوليين أصبح أمرا مقبولا في دول كبري عدة, بل وفي دول عربية وأفريقية, كما شارك مصريون في الرقابة على الانتخابات في العديد من الدول وآخرها فلسطين, وقبلت الحكومة المصرية بذلك دون أن تعتبره انتقاصا من سيادة تلك الدول. إلغاء كافة القوانين الاستثنائية وعلى رأسها قانون الطوارئ بما يضمن حرية الحركة والعمل أمام كافة القوى والأحزاب السياسية وضمان وصولها وتواصلها مع قواعدها الجماهيرية, وحرية إدارة حملاتها الانتخابية وحرية تسيير مظاهرات ومسيرات سلمية لعرض مطالبها بدون تضيق من جانب قوى الأمن وتحت ستار قانون الطوارئ, كما يجب ألا تمس حريات المواطنين وحقوقهم إلا طبقا للقانون العادي. عدم المغالاة في ضوابط الترشيح للرئاسة"مقترح تشكيل هيئة قضائية دائمة للانتخابات ذات مقر مستقل وميزانية سنوية مستقلة ومقومات مادية كاملة, تؤول إليها كل اختصاصات وزير الداخلية المنصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانوني مجلسي الشعب والشورى "فيجب أن تكون هذه الضوابط لضمان جدية الترشيح فقط وليست مانعة له كما يتمنى الكثيرون, فالضوابط وإن كانت مطلوبة في حد ذاتها إلا أنه لا يمكن تصور أن تكون مرتبطة بسيطرة حزب بعينه كأن تكون عبارة عن توقيعات عدد معين من أعضاء المجالس النيابية والمحلية التي يسيطر عليها الحزب الوطني بمفرده. والبديل الأفضل هو أن ترتبط هذه الضوابط بعدد معين من التوقيعات من المواطنين أنفسهم, وهو تقليد معمول به في معظم الدول التي تجري فيها انتخابات رئاسية, فالنظام الأميركي على سبيل المثال يشترط حصول المرشح على موافقة 300 ألف مواطن من بين عدد السكان البالغ 280 مليونا, وفي مصر فإنه يمكن اشتراط حصول المرشح لانتخابات الرئاسة على تأييد 40 ألف مواطن مثلا من إجمالي عدد السكان. مع ضرورة استثناء مرشحي الأحزاب بصفة مطلقة من هذا الشرط, لأنه يكفي للجدية أن يمثل المرشح حزبا سياسيا شرعيا قائما بالفعل. تنمية ثقافة انتخابية جديدة: فمن الثقافة تبدأ كل المعالجات الممكنة لتحديث وتطوير وإصلاح الأبنية الفكرية والسياسية والسلوكية لأي مجتمع, ومن الثقافة تبدأ كل الإسهامات الجادة الهادفة إلى الدفع بالمجتمع السياسي نحو التحول الديمقراطي المنشود, ويظل السؤال حول الثقافة الانتخابية وإن كان جزءا من سؤال الثقافة السياسية –إلا أنه يبقي السؤال الأكثر إلحاحا من ناحية ارتباطه بالسلوك الإيجابي الفاعل للمواطن الفرد واشتباكه كذلك مع فكرة قبول الأخر كمنافس في الساحة أولا تمهيدا لقبول التغيير على مستوي النظام السياسي ككل.وهنا تتجاوز الثقافة الانتخابية معناها المباشر والمتمثل في حمل المواطن لبطاقة انتخابية وتوجهه إلي صناديق الاقتراع, إلى المعنى الأعمق -والذي لم يتوفر في أي من التجارب الانتخابية المصرية السابقة- والمتمثل في وجود كيان حقيقي من الوعي والمعرفة والاختيار الحر لدى الناخب بعيدا عن ترغيب أو ترهيب أي أطراف داخلة في العملية السياسية, وهذا ما يعني التحرر الكامل من كافة الضغوط السياسية والاقتصادية وحتي الاجتماعية عند إدلاء الناخب بصوته الذي لن يذهب في هذه الحالة أدراج الرياح، أو يسكن نفس التوابيت التي تسكنها أصوات الموتى الذين يقترعون لصالح الحزب الحاكم.ومثل هذه الثقافة الانتخابية لا تعني مجرد القبول بوجود الآخر المختلف فكريا وسياسيا وتنظيميا, بل تعني كذلك جرأة الدفاع عن حق الخصم في أن يمثل في الشارع السياسي وأن يعبر عن نفسه بحرية إعلامية كاملة. كما أن ذلك النوع من الثقافة هو الذي يعني تجسير العلاقة مع الخصوم وإحلال منطق التعايش الديمقراطي محل الصراع الاستبعادي الراهن لأنها ستكون ثقافة الوعي باستحالة إلغاء الآخر أو استئصاله, بل هي ثقافة إيجاد معنى جبهوي للنضال الديمقراطي المتحرر من جمود الأيديولوجيا نحو فضاء الاعتراف المتبادل بين الخصوم, بما يوفر في النهاية البيئة المناسبة الحاضنة للنمو الجنيني للديمقراطية التعددية المنشودة في مصر, والتي نأمل أن تمثل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة بداية عهدها الحقيقي الذي طال انتظارنا له. نائب مدير تحرير مجلة الديمقراطية الصادرة عن صحيفة الأهرام المصرية.المصدر:الجزيرة
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A2031BD7-6309-43FB-A6C2-AEA4F9A192CF.htm
عاطف السعداوي الانتخابات ودلالات التحول الديمقراطي تعتبر الانتخابات من أهم المؤشرات الدالة على عمليات التحول إلى الديمقراطية, بل هي التعبير الرمزي الأهم عن ديمقراطية مجتمع ما وعن مدى نضج ثقافته السياسية, و بقدر نزاهة وتنافسية الانتخابات العامة بقدر ما تكون مصداقية عملية التحول إلى الديمقراطية, على اعتبار أن الانتخابات الحرة المباشرة التنافسية والنزيهة هي الوسيلة الأمثل لإعطاء رجل الشارع العادي حقه الأصيل في تحريك القرار السياسي وبالتالي إعطاءه دورا في صناعة تاريخه. وهذه الفكرة أو القناعة هي التي جعلت معظم المقولات التاريخية الخالدة التي نادت بالديمقراطية تختزلها في البعد الانتخابي, كمقولة "صوت واحد للشخص الواحد " أو مقولة "لا تمثيل بدون ضرائب" وهذه المقولات وغيرها تعتبر هي الخلاصات المجردة التي تعبر عن هذه القناعة. ولعل المراقب للمشهد السياسي المصري في الآونة الأخيرة يلمس مدى مصداقية هذه الفكرة واحتلالها لحيز واسع من فضاء الجدل السياسي في مصر، منذ القرار المفاجئ للرئيس مبارك في السادس والعشرين من فبراير/شباط الماضي، بطلب تعديل المادة 76 من الدستور والخاصة بطريقة اختيار رئيس الجمهورية، ليكون بالانتخاب العام المباشر بين أكثر من مرشح بدلا من طريقة الاستفتاء على شخص مرشح واحد, حيث أطلق هذا القرار قوى المجتمع المدني وحركات الرفض الاجتماعي من عقالها وحررها –ولو جزئيا –من جمودها الذي ظلت أسيرة له لفترة طويلة لافتقادها أي أمل بالإصلاح في ظل وجود نخبة الحكم الراهنة. ولكن ما إن بدا أن هناك ضوءا خافتا في نهاية النفق المعتم حتى تحركت التفاعلات السياسية والحزبية خالقة معها مناخا سياسيا جديدا يمتاز بعمليات كثيرة للتفاوض والمساومة والجدل السياسي بين فريقين أولهما يري أن هذه الخطوة هي نهاية الطريق وأنها "منتهى المراد من رب العباد" وأنها منحة من الحاكم تفضل بها على شعبه ولا يجوز معها سوى تقديم فروض الشكر والعرفان, بل حاول هذا الفريق تفريغ هذه الخطوة من مضمونها التنافسي والتعددي عبر المغالاة في اقتراح ضوابط معينة للترشيح لهذا المنصب, أو عبر اقتراح لجنة عليا شبه حكومية للإشراف على الانتخابات، وينحدر معظم هذا الفريق من الدوائر السياسية والفكرية المرتبطة بنخبة الحكم والحزب الوطني. وفريق ثان تمثله قوى وأحزاب المعارضة وحركات الرفض الاجتماعي والسياسي مدعوما بتأييد قطاعات جماهيرية واسعة، ويرى أن التحرك نحو تغيير طريقة اختيار رئيس الجمهورية وإن كان مطلوبا إلا أنه لا يزال تحركا محدودا وجزئيا, كما لم تخف على هذا الفريق الدوافع الكامنة وراء هذا التحرك وعلي رأسها الضغوط الخارجية القوية التي تعرض لها النظام, بما كشف في النهاية عن لحظة ضعف يمر بها النظام وكان لا بد من استغلالها, ومن هنا وجد هذا الفريق الفرصة سانحة لممارسة مزيد من الضغوط للحصول على مزيد من التنازلات في "الشأن الإصلاحي". وأيا كان الفريق المنتصر في النهاية فإن الحقيقة الوحيدة المؤكدة حتى الآن هي أن عجلة التغيير قد تحركت -وإن ببطء- ولن يستطيع أحد أن يوقفها, حتى لو ظلت بيروقراطية الدولة الأمنية وأدواتها القمعية هي المتحكمة في وتيرة التفاعل السياسي وفي معدل دوران عجلة التغيير, ففي لحظة معينة وعندما تكون الرغبة الشعبية في التغيير حقيقية وصادقة فلن تفلح الوسائل الأمنية في منعه, مهما أفرطت في استخدام القوة, لأن التغيير في هذه الحالة سيكون نابعا من إرادة الشعب وستكون الرغبة في الفعل المؤدي للتغير أقوي بكثير من القابلية للخوف أو إيثار السلامة, ولعل ما حدث في دول مثل قرقيزيا وإكوادور ومن قبلهما أوكرانيا وجورجيا خير دليل على ذلك. "المأمول من انتخابات 2005 أن تمثل نقطة بداية مثالية لعهد مصري جديد, أو ربما "جمهورية جديدة" قائمة على شرعية الديمقراطية بعد أن تم الانقلاب على شرعية المشروع القومي وانقضاء عهد شرعية الحرب وعدم إثبات شرعية الإنجاز قدرتها على تعبئة الجماهير "ومن هنا تكتسب الانتخابات المقبلة سواء الرئاسية أو التشريعية أهمية غير مسبوقة في تاريخ الحياة السياسية المعاصرة باعتبارها الأولى في هذا المناخ السياسي الجديد, كما أنها ستمثل أول اختبار جدي لمدي صدقية هذا المناخ أو زيفه, فالكل في انتظار ما سيسفر عنه هذا "المخاض الديمقراطي", هل سيسفر عن فأر صغير كما تعودنا, أم سيتمخض عن "صيد ثمين" كما نأمل؟ ولكن في كل الأحوال ستشهد الانتخابات القادمة ظاهرة جديدة وصحية، ألا وهي عودة السياسة إلى الحياة المصرية وفي القلب منها العملية الانتخابية, بعد عقود طويلة من نزع السياسة عن كافة التفاعلات المرتبطة بالعملية السياسية, بما جعل استبعاد الشارع السياسي حقيقة واقعة من حقائق السياسة المصرية المعاصرة. ففي كل الانتخابات السابقة كانت جميع الظواهر موجودة إلا السياسية: ظاهرة العنف والبلطجة التي راح ضحيتها العشرات, ظاهرة الرشاوى الانتخابية وشراء الأصوات, ظاهرة الانتماءات الأسرية والعشائرية المقيتة, ظاهرة غياب الأحزاب, ظاهرة ضعف المشاركة السياسية التى لم تتجاوز في أي من الانتخابات التي عرفتها مصر منذ التعددية نسبة الـ 50% (كانت في الانتخابات الأخيرة 25.2%) وتوج كل هذا بظاهرة التزوير واسع النطاق لإرادة الناخبين على الرغم من الإشراف القضائي المزعوم. وحدها ظلت السياسة بعيدة عن تلك الأجواء, بما جعل الانتخابات في نظر الكثيرين مجرد لعبة مفضوحة لا طائل من ورائها, وأشبه بالموالد الشعبية من حيث أن لها طابع الموسمية والظرفية دون أن تكون تقليدا سياسيا واعيا له تداعياته علي المسار التاريخي للأمة المصرية, أما الآن فيبدو أن السياسة مرشحة لكي تعود بقوة مع الانتخابات القادمة. والواقع أن المأمول من تلك الانتخابات يمكن أن يتجاوز ظاهرة عودة السياسة للعملية الانتخابية, حيث يمكن أن تمثل تلك الانتخابات نقطة بداية مثالية لعهد مصري جديد, أو ربما "جمهورية جديدة" قائمة على شرعية الديمقراطية بعد أن تم الانقلاب على شرعية المشروع القومي وانقضاء عهد شرعية الحرب وعدم إثبات شرعية الإنجاز قدرتها على تعبئة الجماهير, إذن ... تبقي فقط شرعية الديمقراطية التي يمكن أن تمثل الانتخابات المقبلة مدخلا لها لو أخذت فقط بأسباب النجاح، وهي أسباب لا أراها مستحيلة، بل لا تكاد تكون صعبة، كل ما في الأمر أنها أسباب تحتاج لتوفيرها إرادة ونية خالصة من جانب نخبة الحكم، يقابلها رغبة حقيقة وصادقة للتغيير من جانب الجماهير والقوى المعبرة عنها. وهذه الرغبة الصادقة وتلك النية الخالصة للتغيير يجب أن تترجم إلى مجموعة من الإجراءات والآليات التي يجب على نخبة الحكم اتخاذها، كما يجب على منظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة وقوى الرفض السياسي والاجتماعي التحالف و"الجهاد" للضغط في اتجاه تحقيقها باعتبارها الأسباب التي لاغني عنها, ليس فقط لنجاح الانتخابات المقبلة ولكن لدخول عصر الديمقراطية ومن أهمها: إعادة التوازن المفقود بين السلطات الثلاثفبدون اتخاذ خطوات جادة نحو إعادة التوازن بين السلطات الثلاث في مصر ستفتقد أي خطوات إصلاحية قيمتها, بل ربما تفقد العملية الانتخابية برمتها قيمتها, فخطوة تغيير طريقة اختيار رئيس الجمهورية رغم أهميتها فإنها تبدو قاصرة وعاجزة عن إحداث تغيير جذري في هيكل النظام الدستوري المصمم أساسا ليجعل رئيس الجمهورية محور النظام السياسي, وبالتالي فإن المشكلة تكمن أساسا في كمية وطبيعة الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية. "لابد من إعادة النظر في المواد المتعلقة بسلطات رئيس الجمهورية بما يضمن إعادة هيكلة السلطة في مصر لتقليص سلطات الرئيس وتحقيق مبدأ التوازن بين السلطات الثلاث "فمن بين 55 مادة في الدستور المصري تتضمن صلاحيات أو سلطات اختص رئيس الجمهورية بحوالي 35 صلاحية بما نسبته 63% من إجمالي السلطات والصلاحيات, بينما ترك للسلطة التشريعية بمجلسيها 14 صلاحية فقط بنسبة 25%, دون إغفال سيطرة رئيس الجمهورية واقعيا من خلال موقعيه الرئاسي والحزبي على السلطة التشريعية, وهو ما يعني سيطرة رئيس الجمهورية عمليا على 88% من إجمالي السلطات التي ينظمها الدستور. وبالتالي لابد من إعادة النظر في المواد المتعلقة بسلطات رئيس الجمهورية بما يضمن إعادة هيكلة السلطة في مصر لتقليص سلطات رئيس الجمهورية وتحقيق مبدأ التوازن بين السلطات الثلاث, مع هيمنة نسبية للسلطة التشريعية علي السلطة التنفيذية لتراقب أداءها وتحاسبها, مع صياغة قانون جديد للسلطة القضائية يضمن الاستقلال التام لها ماليا وإداريا, بعيدا عن التدخل المباشر في شؤونها من قبل السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية ووزير العدل. كما أنه يجب إعادة النظر في طريقة توزيع صلاحيات السلطة التنفيذية بحيث توزع بأوزان نسبية بين رئيس الجمهورية ونائبه المنتخب ومجلس الوزراء، علي أن تضمن في الدستور صلاحيات كل منهم بشكل واضح لا يسمح بتعدي أي منهم على اختصاصات الآخر. أخيرا يجب تعديل المادة 77 من الدستور بحيث تنص على ألا تزيد ولاية رئيس الجمهورية عن مدتين فقط, لأنه لا فائدة مرجوة من رئيس منتخب ولكنه مطلق الصلاحيات وباق بحكم الأمر الواقع إلي أن يشاء الله. صياغة ميثاق شرف بين الأحزاب السياسية"كما سخر التلفزيون ساعات طويلة وأفردت كل الصحف القومية صفحاتها لأحد المرشحين لانتخابات الرئاسة ليقول "كلمته للتاريخ" يجب أن تتاح نفس الفرصة لبقية المرشحين سواء أراد أحدهم أن يقول كلمته "للتاريخ" أو يقولها "للمستقبل""بحيث يتضمن مجموعة من المعايير والضوابط التي يجب الالتزام بها أثناء سير الانتخابات سواء الرئاسية أو التشريعية أو المحلية, ويجب أن يكون هذا الميثاق ملزما لجميع الأحزاب وليس مجرد وسيلة خداع جديدة يتبعها الحزب الوطني لإحكام سيطرته على مدخلات ومخرجات العملية الانتخابية, ومن هنا فإن أول ما يجب أن ينص عليه هذا الميثاق ضرورة الحياد الكامل لكافة أجهزة الدولة الإدارية والتنفيذية وموظفيها، وعدم تسخيرهم لخدمة لمرشحي الحزب الوطني وحده كما اعتيد في الانتخابات السابقة, أيضا يجب أن تكون وسائل الإعلام المملوكة للدولة متاحة أمام مرشحي كل القوى السياسية بشكل متساو وليست مجرد بوق للدعاية للحزب الوطني وحده. فمثلا كما سخر التلفزيون ساعات طويلة وأفردت كل الصحف القومية صفحاتها لأحد المرشحين لانتخابات الرئاسة ليقول "كلمته للتاريخ" يجب أن تتاح نفس الفرصة لبقية المرشحين سواء أراد أحدهم أن يقول كلمته "للتاريخ" أو يقولها " للمستقبل"!. ومن أهم ما يجب أن ينص عليه هذا الميثاق أيضا ضرورة احترام الأحزاب –والحزب الوطني بالتحديد- لرغبات الناخبين حتى النهاية, بما يعني ضرورة احتفاظ المرشح بصفته السياسية التي دخل بها الانتخابات حتى نهاية الفصل التشريعي, بحيث لا تكرر مأساة انتخابات مجلس الشعب عام 2000 عندما لجأ الحزب الوطني إلي ضم معظم المستقلين إليه تحت سلاح الترهيب والترغيب بعد أن حصل مرشحوه علي 174 مقعدا بنسبة 39% فقط من عدد مقاعد المجلس وهي نسبة لا توفر له أغلبية ولو بسيطة, فكان أن ارتفع عدد أعضائه بقدرة قادر إلي 385 عضوا بنسبة 85% ضمن بها السيطرة الكاملة والمعتادة على مجلس الشعب في استهتار واضح بإرادة الناخبين. كما يجب على كل حزب أن يستبق الانتخابات القادمة ويعقد مؤتمره العام لمراجعة لوائحه الداخلية لتغيير طريقة اختيار كافة مستوياته القيادية، لتكون بالانتخاب ولفترة محددة باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لخلق قيادات حزبية قادرة على الوصول إلي الجماهير، سواء في انتخابات تشريعية أو رئاسية أو محلية أو نقابية أو غيرها. وأخيرا يجب أن يتضمن هذا الميثاق أمورا إجرائية من قبيل رفض التمويل الخارجي، ووضع سقف مالي معين للدعاية الانتخابية، وضرورة عدم استغلال المرشح لموقعه السياسي أو التنفيذي أثناء الانتخابات...إلخ. الإشراف القضائي الكامل على كافة الانتخابات وهنا يجب ألا يكون القضاء مجرد غطاء لتزوير الانتخابات وأداة لإضفاء شرعية وهمية عليها كما جري سابقا, وباعتراف القضاة أنفسهم أمام جمعيتهم العمومية بالإسكندرية مطلع أبريل/نيسان الماضي, وهذا ما يفترض أن يصر القضاة على موقفهم التاريخي والمشرف الرافض لتدخل السلطة التنفيذية في شؤونهم، والمطالب باستقلال تام عبر قانون جديد أعده القضاة أنفسهم. على أن يجري بعد ذلك تشكيل هيئة دائمة للانتخابات ذات مقر مستقل وميزانية سنوية مستقلة ومقومات مادية كاملة, ويمكن أن تشكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا وعضوية رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الدولة ورئيس نادي القضاة وعدد معين من رؤساء محاكم الاستئناف تختارهم الجمعية العمومية لنادي القضاة, علي أن تنقل تبعية الإدارة العامة للانتخابات من وزارة الداخلية إلي تلك الهيئة وتؤول إليها كل اختصاصات وزير الداخلية المنصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانوني مجلسي الشعب والشورى، بحيث تكون في النهاية مسؤولة بشكل كامل عن كافة المهام المتعلقة بأي انتخابات عامة تجري في مصر, بدءا من الإعلان عن موعدها وإعداد جداول الناخبين وتلقي طلبات الترشيح وإعلان كشوف المرشحين وإصدار قرارات تشكيل اللجان الانتخابية ومقارها ورؤسائها وأمنائها وقوة الحراسة لكل منها مرورا بتنظيم عملية التصويت وانتهاء بفرز الأصوات وإعلان النتائج. ويجب ألا تقتصر ولاية هيئة الانتخابات على صندوق الاقتراع فقط بل يجب أن تتعداها إلى محيط اللجنة الانتخابية بأكمله بما يؤمن وصول كافة الناخبين إلى مقر صندوق الانتخابات دون منع لمؤيدي مرشح معين من قبل قوات الأمن كما يحدث دائما, وهذا ما يقتضي وجود شرطة قضائية تابعة لهيئة الانتخابات لضمان تنفيذ ذلك. في هذه الحالة لن يكون هناك أي تخوف من إشراف دولي على الانتخابات, بل على العكس يمكن أن يكون الإشراف الدولي شهادة إضافية على نزاهة العملية الانتخابية, ولا يمكن هنا التعلل بمبدأ السيادة الوطنية لأن وجود مراقبين دوليين أصبح أمرا مقبولا في دول كبري عدة, بل وفي دول عربية وأفريقية, كما شارك مصريون في الرقابة على الانتخابات في العديد من الدول وآخرها فلسطين, وقبلت الحكومة المصرية بذلك دون أن تعتبره انتقاصا من سيادة تلك الدول. إلغاء كافة القوانين الاستثنائية وعلى رأسها قانون الطوارئ بما يضمن حرية الحركة والعمل أمام كافة القوى والأحزاب السياسية وضمان وصولها وتواصلها مع قواعدها الجماهيرية, وحرية إدارة حملاتها الانتخابية وحرية تسيير مظاهرات ومسيرات سلمية لعرض مطالبها بدون تضيق من جانب قوى الأمن وتحت ستار قانون الطوارئ, كما يجب ألا تمس حريات المواطنين وحقوقهم إلا طبقا للقانون العادي. عدم المغالاة في ضوابط الترشيح للرئاسة"مقترح تشكيل هيئة قضائية دائمة للانتخابات ذات مقر مستقل وميزانية سنوية مستقلة ومقومات مادية كاملة, تؤول إليها كل اختصاصات وزير الداخلية المنصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانوني مجلسي الشعب والشورى "فيجب أن تكون هذه الضوابط لضمان جدية الترشيح فقط وليست مانعة له كما يتمنى الكثيرون, فالضوابط وإن كانت مطلوبة في حد ذاتها إلا أنه لا يمكن تصور أن تكون مرتبطة بسيطرة حزب بعينه كأن تكون عبارة عن توقيعات عدد معين من أعضاء المجالس النيابية والمحلية التي يسيطر عليها الحزب الوطني بمفرده. والبديل الأفضل هو أن ترتبط هذه الضوابط بعدد معين من التوقيعات من المواطنين أنفسهم, وهو تقليد معمول به في معظم الدول التي تجري فيها انتخابات رئاسية, فالنظام الأميركي على سبيل المثال يشترط حصول المرشح على موافقة 300 ألف مواطن من بين عدد السكان البالغ 280 مليونا, وفي مصر فإنه يمكن اشتراط حصول المرشح لانتخابات الرئاسة على تأييد 40 ألف مواطن مثلا من إجمالي عدد السكان. مع ضرورة استثناء مرشحي الأحزاب بصفة مطلقة من هذا الشرط, لأنه يكفي للجدية أن يمثل المرشح حزبا سياسيا شرعيا قائما بالفعل. تنمية ثقافة انتخابية جديدة: فمن الثقافة تبدأ كل المعالجات الممكنة لتحديث وتطوير وإصلاح الأبنية الفكرية والسياسية والسلوكية لأي مجتمع, ومن الثقافة تبدأ كل الإسهامات الجادة الهادفة إلى الدفع بالمجتمع السياسي نحو التحول الديمقراطي المنشود, ويظل السؤال حول الثقافة الانتخابية وإن كان جزءا من سؤال الثقافة السياسية –إلا أنه يبقي السؤال الأكثر إلحاحا من ناحية ارتباطه بالسلوك الإيجابي الفاعل للمواطن الفرد واشتباكه كذلك مع فكرة قبول الأخر كمنافس في الساحة أولا تمهيدا لقبول التغيير على مستوي النظام السياسي ككل.وهنا تتجاوز الثقافة الانتخابية معناها المباشر والمتمثل في حمل المواطن لبطاقة انتخابية وتوجهه إلي صناديق الاقتراع, إلى المعنى الأعمق -والذي لم يتوفر في أي من التجارب الانتخابية المصرية السابقة- والمتمثل في وجود كيان حقيقي من الوعي والمعرفة والاختيار الحر لدى الناخب بعيدا عن ترغيب أو ترهيب أي أطراف داخلة في العملية السياسية, وهذا ما يعني التحرر الكامل من كافة الضغوط السياسية والاقتصادية وحتي الاجتماعية عند إدلاء الناخب بصوته الذي لن يذهب في هذه الحالة أدراج الرياح، أو يسكن نفس التوابيت التي تسكنها أصوات الموتى الذين يقترعون لصالح الحزب الحاكم.ومثل هذه الثقافة الانتخابية لا تعني مجرد القبول بوجود الآخر المختلف فكريا وسياسيا وتنظيميا, بل تعني كذلك جرأة الدفاع عن حق الخصم في أن يمثل في الشارع السياسي وأن يعبر عن نفسه بحرية إعلامية كاملة. كما أن ذلك النوع من الثقافة هو الذي يعني تجسير العلاقة مع الخصوم وإحلال منطق التعايش الديمقراطي محل الصراع الاستبعادي الراهن لأنها ستكون ثقافة الوعي باستحالة إلغاء الآخر أو استئصاله, بل هي ثقافة إيجاد معنى جبهوي للنضال الديمقراطي المتحرر من جمود الأيديولوجيا نحو فضاء الاعتراف المتبادل بين الخصوم, بما يوفر في النهاية البيئة المناسبة الحاضنة للنمو الجنيني للديمقراطية التعددية المنشودة في مصر, والتي نأمل أن تمثل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة بداية عهدها الحقيقي الذي طال انتظارنا له. نائب مدير تحرير مجلة الديمقراطية الصادرة عن صحيفة الأهرام المصرية.المصدر:الجزيرة
الصحافة المصرية....إلى أين؟
عاطف السعداوي، مدير تحرير مجلة الديمقراطية الصادرة عن صحيفة الأهرام المصرية، يناقش دور الصحافة المصرية في الماضي والحاضر وإلى أين تتجه بعد 27 سنة من العمل في ظل قوانين الطوارىء
تلعب الصحافة دورا مهما في تشكيل وتوجيه الرأي العام ومن ثم التحكم في قناعات الشعوب وردود أفعالها تجاه الأحداث. وقديما قال فولتير( الصحافة تعمل على هدم العالم القديم حتى يتسنى لها أن تنشىء عالما جديدا)، ورأينا قادة ادركوا خطورة الصحافة وسجل لهم التاريخ مقولة أحد رؤساء فنزويلا السابقين (أنا لا اخاف بوابة جهنم اذا فتحت في وجهي، ولكني ارتعش من صرير قلم محرر صحيفة).
وبالنسبة لمصر لم تعد الصحافة مجرد مرآة عاكسة لتطورات المجتمع المصري كما هو الحال في العديد من الدول، لكنها أضحت جزءا أصيلا من دعوات الإصلاح السياسي التي تصاعدت في الآونة الأخيرة وأداة من أدوات الحراك السياسي والاجتماعي الذي يشهده المجتمع المصري حاليا، وبات الصحفي المصري -في بعض الصحف الخاصة بالطبع- يتولى صناعة الحدث بدلا من أن يكون مجرد ناقل له، وعلى العكس من ذلك أصبح الصحفي المصري في الصحف الحكومية مدافعا عن أكثر سياسات الحكومة قمعا وتسلطا حتى ولو بدا في باطنه غير مقتنع بتلك السياسات أو حتى بدت تلك السياسات غير قابلة -بحكم المنطق- للدفاع عنها، وهو ما يعكس حقيقة أن الصحافة المصرية أصبحت في قلب الجدل السياسي في مصر، وربما أصبحت واحدة من أدواته.
ولعل هذا يعكس إشكالية أخرى، وهي في هذه المرة إشكالية تعريفية تتعلق بأنه لا يمكن الحديث عن صحافة واحدة في مصر، وإنما عن صحافتين مختلفتين: أحداهما حكومية والأخرى خاصة، لكل منهما عالم مختلف... سواء من حيث النشأة أو التطور أو الاهتمام أو درجة التأثير أو المصداقية أو الشعبية أو الموقف السياسي...الخوالواقع أن الصحافة المصرية لم تعرف هذه التفرقة بين الصحافة الحكومية والصحافة الخاصة قبل يوليو 1952، فقبل هذا التاريخ كانت ملكية الصحف كلها للأفراد ولم تكن للدولة سيطرة مالية أو إدارية على الصحف كما هو الوضع الآن ، أما بعد ثورة يوليو فلم تعرف الصحافة المصرية الكثير من الاختلاف أو التباعد عن السلطة الحاكمة بل إن الصحافة كانت أهم وسائل الدولة لتنفيذ برامجها السياسية والأيديولوجية، لكن فترة السبعينيات من القرن الماضي شهدت تغييرات جوهرية في السياسة المصرية سمحت وإن بشكل محدود ومبرمج بتعددية حزبية وإصدار صحف حزبية أو مستقلة لأول مرة منذ الثورة، وظلت هذه الصحف تسعى باتجاه منحها حريات حقيقية تتناسب ودور مصر وكذلك ريادتها الصحفية في المنطقة، غير أن هذه المساعي لم تصل إلى نتائج حاسمة لاسيما بعد إصدار قانون الطوارئ إثر اغتيال الرئيس السادات عام 1981 واستمراره حتى يومنا هذا .
عطل قانون الطوارئ الحياة السياسية والصحفية في مصر أو أعاق تطورها على الأقل، وفي ميدان الصحافة أتاح هذا الوضع للسلطة تشريع العديد من القوانين أو تعديل أخرى لغرض السيطرة على مضامين وسائل الإعلام والتحكم في آليات إصدار الصحف وملكيتها، وفي الوقت نفسه إعطاء هامش محدود من حرية الرأي حيث "مازالت هناك قيود وحواجز وحدود لا يمكن تخطيها في العمل الصحفي بمصر" ، لكن السلطة ربما اعتقدت أن هذا الهامش يمكنه امتصاص زخم المطالبين بالحرية ولو لبعض الوقت.
وربما تكون التشريعات الإعلامية المقيدة للحريات أبرز ما يجب تغييره، وهنا لا يتوقف الأمر على مضامين القوانين بل إنه يبدأ بالتشظي الواسع لهذه القوانين، حيث تتوزع النصوص التي تتعامل مع قضايا النشر وإصدار الصحف على: قانون المطبوعات، قانون العقوبات، قانون تنظيم الصحافة، قانون وثائق الدولة، قانون العاملين المدنيين، حظر أخبار الجيش والأحكام العسكرية، قانون الأحزاب وقانون المخابرات، وقد عمل هذا التشظي على توسيع دائرة القيود التي تحاصر الصحفيين من كل جانب. وفي داخل هذه القوانين التي تخالف عشر مواد منها على الأقل الدستور المصري يتشكل نمط من السيطرة المحكمة على مضامين الصحف يتيح للدولة غض الطرف إن شاءت عن الكتابات التي تحمل آراء ناقدة أو التدخل بحزم يصل إلى حبس الصحفيين لمدد غير قصيرة وفرض غرامات باهظة قد تؤدي إلى إجبار بعض الصحف الصغيرة على التوقف وتمنع الصحفيين لاسيما الشباب منهم من التطرق إلى ما يمكن أن يزعج السلطات.كما تسيطر الدولة في مصر على كم ونوع الصحف من خلال التعقيدات البيروقراطية الشديدة التي تفرضها القوانين الحالية على آليات إصدارها برغم أن الدستور يتيح للأفراد والأحزاب ذلك، وقد اعتبر الصحفيون المصريون في مؤتمرهم العام الرابع في 2004 أن من بين أهم شروط الإصلاح السياسي والإعلامي التأكيد على حق إصدار وتملك الصحف والمحطات الإذاعية والتلفزيونية وتشجيع الصحافة الإلكترونية واحترام حقها في الوصول إلى قارئها. ويقتضي الحصول على رخصة لإصدار صحيفة في مصر موافقة العديد من الجهات مثل المجلس الأعلى للصحافة وهو هيئة حكومية والأجهزة الأمنية المختلفة وأخيرا مجلس الوزراء ومثل هذه الموافقات تعد أمرا صعبا ومعقدا، فضلا عن ارتباط الموافقات بدفع مبالغ كبيرة تصل إلى مليون جنيه للصحف اليومية ونصف مليون للأسبوعية، ولذلك يفضل الناشرون طريقة أخرى هي إصدار الصحيفة بتصريح من خارج مصر (من قبرص بشكل خاص) لكن الكادر والمقر والتوزيع والجمهور والموضوعات كلها مصرية وبذلك يتخلص الناشرون من القيود القانونية والمالية، لكن ضريبة ذلك تكون الخضوع لقانون التعامل مع الصحف الأجنبية التي تتيح للسلطات المصرية مصادرة العدد قبل توزيعه أو منعها من التوزيع تماما وهو ما يعني الحكم عليها بالإغلاق. وبطبيعة الحال فإن مثل هذا الأسلوب سيوحي بوجود فرص للتعددية الصحفية لكنه يمنح السلطات المصرية في الوقت ذاته حق الرقابة القبلية الذي عفا عليه الزمن بذريعة التعامل مع صحافة أجنبية.
إلى جانب كل هذه العوائق القانونية والإدارية والأمنية التي تعترض حرية العمل الصحفي في مصر فإن السلطات أضافت إليه قيودا أخرى تتعلق بحرية تدفق المعلومات ووصولها إلى الصحفيين، وبرغم أن الصحفيين المصريين نجحوا بعد سنتين من الاحتجاجات في إلغاء ما يعرف بالقانون 93 لسنة 1995 الذي قضى بحبس الصحفي الذي ينشر وثائق وكذلك الموظف الذي زوده بها، برغم إلغاء هذا القانون فان تعقيدات إدارية مقصودة تقف في وجه حصول الصحفيين على المعلومات من مصادرها الرسمية وهو ما يعيق عمل الصحافة ورسالتها من جانب ويقود إلى إيقاع بعض الصحفيين في فخ المعلومات الخاطئة التي تقودهم إلى الحبس أو الغرامات العالية من جانب آخر. وفي تقريرها السنوي لعام 2003 تصف المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن القوانين الخاصة بالصحافة والنشر تتسم بالغلظة والغموض وترى أن هذه القوانين قيد رئيسي على ممارسة الحق في إبداء الرأي والتعبير، وهي - أي القوانين- سمحت للحكومة المصرية بإغلاق عدد من الصحف مثل صحيفتي الدستور والشعب، ووضع عدد كبير من الصحفيين في السجن بتهم مختلفة أبرزها القذف والسب التي يرى المطالبون بالإصلاح أن قوانين الطوارئ المصرية تعمدت أن تخلط بينها وبين حق النقد للمؤسسات أو الشخصيات الرسمية والعامة، وبالطبع فالأمثلة على ذلك كثيرة لكن آخرها كان سلسلة من الأحكام على الصحفيين بالسجن والغرامات بدءا من الحكم على الصحافية بمحطة الجزيرة هويدا طه في مايو 2007 بالحبس ستة أشهر وغرامة عشرين ألف جنيه بتهمة " الإضرار بالمصالح القومية والإساءة إلى سمعة البلاد" إثر إعدادها تحقيقاً حول التعذيب الذي يتعرّض له الأسرى في السجون المصرية " ، وانتهاء بحكم في 13 سبتمبر 2007على أربعة رؤساء تحرير : " الدستور " ، و" صوت الأمة " و" الكرامة " و" الفجر " بالسجن مع الشغل لمدة عام مع تغريم كل منهم عشرين ألف جنيه ، وإحالة إبراهيم عيسى إلي محكمة أمن الدولة العليا - طوارئ بعد أن أصبح قلمه يشكل تهديدا للأمن القومي ! وقبل أن ينتهي عام 2007 صدر حكم آخر على رئيس تحرير صحيفة الوفد، ومراسل لها بالسجن لمدة شهر. وتدهورت الأمور إلي حد صدور فتوى بوجوب جلد الصحفيين بين حين وآخر! التهمة في كل الحالات واحدة بصيغ مختلفة: الإضرار بالمصالح العليا، نشر أخبار كاذبة، الإساءة لرئيس الدولة، وما شابه.
صحافة المعارضة إذن هي المسئول الأول عن تهديد المصالح القومية. فهل هذه الصحافة هي التي ساقت تسعة ملايين مصري إلي البطالة ؟ أم أنها هي التي جعلت 35 % من سكان مصر يعيشون في عشوائيات ؟ أم أن مقالات إبراهيم عيسى وعبد الحليم قنديل وعادل حمودة وأنور الهواري هي التي دفعت بأربعة ملايين أسرة إلي تفضيل الحياة بدون مأوى؟ ثم هل المقالات تلك التي أدت إلي تفشي الأمية في 18 مليون مصري؟ وهل الصحف المعارضة هي السبب في الغلاء وتدهور مستوى التعليم وانحدار الأوضاع الثقافية وانتشار الرشوة بين كبار المسئولين!!!!!
مجلة الأهرام الديمقراطية المصرية دورية سياسية تصدر كل 3 أشهر عن مؤسسة الأهرام منذ سنة 2001.
Where is the Egyptian Press Heading?
Atef al-Saadawy, managing editor of the Egyptian Al Ahram Democracy Review, discusses the role of the Egyptian press in the past and the present, as well as where it is heading after 27 years of publishing under emergency laws.The press plays an important role in shaping and guiding public opinion and thus controls the convictions of people and their reactions to events. Voltaire once said: "Press works on the demolition of the old world so that it can establish a new one". We have seen leaders who understood the seriousness of the press, and history records for us the saying of a former president of Venezuela: "I would not be afraid if the gate of hell was opened in my face, but I shudder from the pen scratch of a journalist".As for Egypt, the press is not simply a mirror that reflects the developments occurring in Egyptian society, as is the case in many countries, but it has become an integral part of the calls for political reform, which have escalated in recent times, and a tool for political and social activism currently witnessed in the country. The Egyptian journalist - mainly of some private newspapers - has turned to produce the event rather than being a mere messenger. Contrary to that, the Egyptian journalist in governmental newspapers has turned into a defender of the government's more repressive and authoritarian policies, even if he does not seem to be convinced of those policies, and even when those policies seem to be - as a matter of logic - indefensible. This is reflected by the fact that the press nowadays stands at the core of the political debate in Egypt. This probably also discloses another issue, which is a problem of definition, since one cannot talk about one press in Egypt, but two different types: a governmental one and a private one. Each of them has its own different world, both in terms of origins, evolution and interests and in terms of the degree of influence, credibility, popularity and political position, etc.The Egyptian press did, in fact, not know this distinction until July 1952. Until that date, the ownership of all newspapers belonged to individuals and the state had no financial or administrative control over the press, as is the situation today. However, after the July Revolution, the ruling authority and the press grew closer. The press became the most important tool in the hands of the state to implement its political and ideological programmes. The 1970s witnessed fundamental changes in the Egyptian policy, which opened up the way for political pluralism and the launch of both partisan and independent newspapers, although in a limited and programmed manner. These newspapers sought freedom in line with the role of Egypt as a journalistic leader in the region. Their efforts, however, did not lead to any major changes, and were further hindered by the Emergency Law declared in the wake of the assassination of President Sadat in 1981, and still in force to this day.The Emergency Law has indeed disrupted the political and journalistic life in Egypt, or at least curbed its development. In the field of journalism, this situation has permitted the authorities to implement many laws and amendments with the purpose of controlling the content of the media and gaining command over the mechanisms of issuing and owning newspapers, while at the same time giving a limited scope for freedom of opinion, stating that "there are still restrictions, barriers and limits that can not be stepped over in the journalistic work in Egypt". The authorities might have thought that this margin could absorb the momentum of freedom advocates, at least for some time.Media legislation that restricts freedoms is perhaps the most prominent aspect that must be changed in Egypt. However, the issue here does not stop at the content of laws, but rather begins with the wide fragmentation of those laws. The legal provisions that deal with the printed press are dispersed over many laws, such as Publications Act, the Penal Code, the Press Regulation Law, the State Documents Law, the Civil Servants Law, the Political Parties Law, the Intelligence Law and the ban on reporting on the army and military verdicts. This fragmentation has helped to widen the circle of restrictions that are besieging journalists from every side.Within the context of these laws, which contravene at least ten articles of the Egyptian Constitution, a pattern of tight control allows the state to turn a blind eye on writings that carry critical views. However, they can also intervene and imprison journalists for long periods or hand out hefty fines that might oblige some small newspapers to stop publishing. Furthermore, they can prevent journalists, especially young ones, from tackling issues that could irritate the authorities.Moreover, the state controls the number and the quality of newspapers through an extremely complicated bureaucracy imposed by the current laws on the mechanisms of newspaper publication, despite the fact that the constitution allows individuals and political parties to publish freely. At their fourth General Congress in 2004, Egyptian journalists considered that one of the most important conditions for political and media reforms is stressing the right to publish and own newspapers, television and radio stations, promoting online journalism and respecting the right of the media to access the reader.Launching a newspaper in Egypt requires permission from several governmental bodies such as the government-run Higher Journalism Council, various security services and finally the Council of Ministers. Such permissions are complicated and hard to obtain. They are also conditioned by the payment of large sums of money that ascend up to one million Egyptian pounds (122 375 Euro) for daily newspapers and half a million for weekly publications. The newspaper companies therefore prefer to publish their papers from outside Egypt, from Cyprus in particular. Their staff, headquarters, distribution channels, topics and public, however, are all in Egypt. In this way they manage to rid themselves of legal and financial restrictions, though at the expense of being subjected to the law dealing with foreign press, which allows the Egyptian authorities to confiscate the publication before its distribution or even to ban it entirely, which could mean forcing it to close down. This method may suggest, naturally enough, the existence of opportunities for a pluralistic press, but it does provide the Egyptian authorities with an outdated censorship under the pretext of dealing with foreign press.Besides all these legal, administrative and security obstacles which hinder the freedom of journalistic work in Egypt, the authorities have added other restrictions on the free flow of information and the access to information. In spite the fact that Egyptians journalists have succeeded, after two years of protests, to remove what was known as Act 93/1995, which admitted the imprisonment of the journalist who published confidential documents as well as the civil servant who provided them, tenacious administrative obstacles still stand in the way of the press, on the one hand hampering its work and message, and on the other hand leading some journalists into the trap of misinformation, only to be penalized with imprisonment or heavy fines.In its annual report for 2003, the Egyptian Organization for Human Rights (EOHR) describes the laws on press and publications as coarse and ambiguous, maintaining that they represent a major restraint on the exercise of the right to freedom of opinion and expression. It goes on to say that these laws have allowed the Egyptian government to close a number of newspapers like Al-Dustour and Al Sh'ab, and to put a large number of journalists behind bars on various charges, for the most part libel and insult. Egyptians reformers, however, claim that Emergency Law has deliberately mixed up these charges with the right to criticize institutions or official and public personalities.Examples of this confusion are numerous, of course. The latest was a series of jail and fine sentences against journalists in 2007. In May, Al-Jazeera reporter Huwaida Taha was sentenced to six months in prison and a fine of twenty thousand Egyptian pounds (2450 Euro) for "damaging national interests and smearing the reputation of the country", through her reporting on the torture of prisoners in Egyptian prisons. In September, four editors-in-chief of the Al-Dustour, Saut al-Umma, Al-Karama and Al-Fajr newspaper were sentenced to prison for one year with a fine of twenty thousand Egyptians pounds, while a lawsuit was filed against Al-Dustour editor-in-chief Ibrahim Issa at the Supreme State Security Emergency Court, after his pen had apparently been a threat to national security! At the end of 2007, the editor-in-chief of the Al-Wafd newspaper, together with one of his journalists, was sentenced to prison for one month. The situation deteriorated to the point of an advisory opinion, fatwa, being issued on the necessity of whipping journalists from time to time! The charges are the same in all cases: damaging the higher interests of the state, disseminating false news, insulting the Head of State, and the like.The opposition press, therefore, is the major responsible for the threat to national interests. Is it really the press that pushed nine million Egyptians to unemployment? Is it the press which pushed 35 percent of Egypt's population to living in slums? Is it the articles of Ibrahim Issa, Abdel Halim Qandil, Adel Hammouda and Anwar Al Hawari that forced four million families to a life without shelter? Are those writings really responsible for the spread of illiteracy among 18 million Egyptians? Are opposition newspapers the cause of the rise in prices, the deterioration of the level of education, the degradation in cultural conditions and the spread of corruption amidst senior officials, indeed?
The Egyptian Al Ahram Democracy Review is a political quarterly publication launched in 2001 by the Al-Ahram Foundation.